ثقافة قراءة في كتاب "الحداثة اللامتناهية الشبكية: آفاق بعد ما بعد الحداثة أزمنة النص ميديا " لهاني جازم الصلوي
بقلم: محمد علي بن غنية
يعتبر كتاب "الحداثة اللامتناهية الشبكية" (مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر-ط2 القاهرة 2016) للباحث اليمني في مجال الرقميات هاني الصلوي مرجعا هاما في أزمنة النص ميديا إذ يطرق باب ملحمة ما بعد الألفية فيطرح فيه الباحث أزمنة النص ميديا وهو كتاب مثلما يقول مؤلفه يمكن أن تقرأه من أي فصل دون أن يختل بناؤه أو تتشتت أفكارك.
وأثناء مطالعتنا للكتاب تستوقفنا مقولة "أر ـ إس توماس": "ربة الشعر الآن هي الكمبيوتر" إذ يتحول الكمبيوتر إلى وسيلة تمنح التفاعل بين الإنسان والآلة فيميز الباحث في قراءة النص الرقمي بين العصر التكنولوجي والعصر المعلوماتي أو المرحلة اللامتناهية الشبكية فالنص أيا كان نوعه في أساسياته ورؤاه وأشكاله اللانهائية عمليات لا متناهية من الأفعال والاقتراحات والتغيرات هو نص ليس رواية ولا شعرا بل هو تقني خالص التقنية إذ لا نجد نصا ثابتا فالمؤلف فاعل له مطلق الحرية في الإضافة والتعديل والتغيير.
يشتبك مع ديناميات المسرح اللامتناهي ليبني فضاءات أسطورية داخل رؤيا وواقع وافتراض، هو نص جامع كوني حمال أوجه فالآلة هنا ليست وسيطا بل شريكا فاعلا في الكتابة والفعل والحياة اليومية فلقد ألحقت اللامتناهية الشبكية الإذلال بكبرياء البشرية متحدية التشاؤم ما بعد الحداثي ليحل محله التفاؤل اللامتناهي الشبكي معلنا انهيار صورة المثقف التقليدي بل موته باعتباره قائدا للتفكير نيابة عن المجتمع والآخر فيهدم الرؤى والنظريات الفلسفية والأدبية لتحل محلها اللانظرية أو اللامتناهي الشبكية.
الحداثات هي هي رؤى "ما ستكتبه أنت نحن هم هن هما" فالعالم اليوم يقاد من على الحاسوب مجتمع اللامتناهي الشبكي ليس مجتمع الوسائط ولا مجتمع الإعلام المابعد حداثي وإنما نحن مع مجتمعات تقول وتفعل في قلب الإعلام الإشاعة هو مجتمع الحداثات اللامتناهية إذ أن الإنسان الحديث يعبر داخل أنفسه الذكية.
فاللامتناهية الشبكية نافذة على فوضى الكائنات عالم تزول فيه الحدود بين المجتمعات هو فضاء الحكايات الصغرى التي تحث على المتعة والاستبصار بالذات والإعلاء من شأن الفرد على حساب المجتمع "فالشبكة الاجتماعية تمثل إبداعا اجتماعيا أكثر من كونها تكنولوجيا فهي لعبة تشعبية لا نهائية تتيح معالجة الأفكار وإيصالها بكل يسر وهذا ما ينطبق أيضا على الفن اللامتناهي الشبكي فأدواته لا نهائية تمكننا من فهم العالم وتفسيره والتيه فيه".
خلاصة القول كتاب الحداثة الللامتناهية الشبكية يقودنا فيه صاحبه إلى عالم جديد في الفكر والفنون والحياة في عالم أسطوري لامتناهي متغير أبدا غير أنه مؤمن بأننا لا زلنا في فترة حضانة للتكنولوجيا وأنه لم يوجد حتى الآن نص رقمي محض ليس لعجز الكاتب في كثير من الأحيان بل ربما لعدم النضج الفكري لمتلقي النص التفاعلي.
والباحث يطرح تجاذبات النص الجديد باعتباره نصا مترجما / نص ملحمة ما بعد الألفية / نصا شفويا / نصا شعبيا / نصا أسطورة / نصا كونيا جامعا إثراء: " إن ما يمكن أن نقوله عن النص الجديد : أنه " نص " هيولي " كيان متشظ / خارج كل التقعيدات والتقسيمات قارئه الراغب من يستطيع قراءته امرأة لا تمنحك نفسها ورجل لا يمنح نفسه عالم لا متناه يعيشه الناص ( كاتبا وقارئا ) في يقينه المماثل ليقين الصوفي والأشد تماهيا منه نص ديمقراطي / علماني يتصالح مع كل الأنواع " ( الحداثة الللامتناهية الشبكية / آفاق بعد ما بعد الحداثة / أزمنة النص ميديا ص 71 الطبعة الأولى 2015 / الطبعة الثانية 2016 ).
الهوامش: أر إس توماس: ربة الشعر الآن هي الكمبيوتر: ترجمة عبد الكريم كاصد مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر : في الكون " عالم خلف خضرة غيمة في العالم مدينة في المدينة بيت فيه طفل أعمى يحدق من فوق حافة الكون في أعماق الحب".
"هاني جازم الصلوي " شاعر وكاتب و باحث يمني يقيم بين القاهرة وصنعاء مهتم بتحليل الخطاب و الفلسفة والإعلام الرقمي مؤسس ملتقى النص الجديد ـ ما بعد قصيدة النثر ـ بالقاهرة رئيس مجلس إدارة مؤسسة أروقة للدراسات و الترجمة والنشر.